الإنسان الداخلي و النظرة الداخلية - Karyo Hliso
Yusuf Begtas:

الإنسان الداخلي و النظرة الداخلية

Mlfono Yusuf Beğtaş
الإنسان الداخلي و النظرة الداخلية

الإنسان الداخلي و النظرة الداخلية

يعتبر ابن العبري (أبو الفرج) (1226-1286) من ملاطية، أحد أقوى كتاب الأدب السرياني، ولا يُذكر كشخصية روحية وفيلسوف فحسب، بل أيضًا كحكيم غاص في أعماق النفس البشرية. وفي أعماله، نصح الناس بالتوجه إلى عالمهم الداخلي، والبحث عن الحقيقة داخل أنفسهم، والعيش بوعي تام دون التماهي مع الأحداث. وفي أفكاره حول العالم الداخلي والرؤية الداخلية، يؤكد على أهمية معرفة الذات والتخلص من الأوهام، وبالتالي فتح الأبواب أمام الصحوة الروحية.

في الحياة، قوة الحب (أي الروح) وحب القوة (أي الأنا) دائمًا في صراع دائم. أكبر داعم لهذه الثنائية هو الأنا، أي الأنانية. الأنا هو مصدر التناقضات والمعارضات في الإنسان. ولكي نخرج من الصدمات الداخلية التي تسببها التناقضات، علينا أن نحتضن القيم الدائمة للنفس، وأن نبذل نضالنا تحت إرشاد هذه القيم، متوجين ذلك بثورة داخلية. لأن الروح فوق كل المتناقضات؛ خالية من تأثير الصراعات الداخلية وضغوطها.

لذلك، عندما يقترب الإنسان من جوهره (نفسه) ويعود إليها، فإنه يتجاوز هذه المتناقضات. يصبح حرًا من الوعي المشروط والإدراك المحدود للواقع الذي يحيط به. وهكذا، كما يؤكد ابن العبري/أبو الفرج

 من ملاطية في هذه الكلمات، يجب علينا أن نبحث عن الله ليس خارج أنفسنا بل داخل أنفسنا:

فلنُجبر أنفسنا، ولنكبح جماح أنفسنا، ولنُركز على الداخل لنكتشف الجنة المخفية في قلوبنا. أي لنرى إلهنا هناك.

لأن كلما تذكر الإنسان نفسه وتعرف عليها واكتشفها، أصبح من السهل عليه أن يجد الله في داخله. بهذه الطريقة، يدرك أن المعرفة الإلهية مخفية في داخله. وعندما يتعرف على الله، فإنه يتعلم أيضًا ما هي هذه الحقيقة الغامضة والحميمة. إن هذا الإدراك هو أعظم ثورة في الحياة.

وبعد ذلك يبدأ الإنسان في رؤية الحقيقة التي تقف فوق كل ثنائية من خلال منظور غير متحيز. من خلال المرور عبر الباب الذي يفتح على الحياة الحقيقية، ينال الإنسان الحب الخالص والسلام والفرح والحكمة والنعيم الذي يكمن وراء كل ثنائية.

ولكن من أجل تحقيق ذلك، يجب على الإنسان أن ينسحب بوعي من تأثير العالم الخارجي، ويتجه إلى عالمه الداخلي ويتعمق فيه. لأنه، كما قيل، سوف يكتشف الجنة المخفية في قلبه ويرى إلهه هناك. وبذلك يصل إلى ذاته الحقيقية.

هذه القضية التي أثارها قبل 700 عام المفكر والكاتب السرياني ابن العبري (أبوالفرج) من ملاطية، يفسرها الكاتب القيم إرغون أريكدال (1936-1997) من منظور مختلف ولكن بنفس النبرة على النحو التالي:

''لا يجب أن ننسى أنه يجب علينا أن نصنع شخصيتنا الخاصة وأن نعيش هذه الشخصية. ومن المفيد جدًا في هذا العمل أن يكون الإنسان في عملية تذكر نفسه بشكل متكرر. وهذا يعني عدم الاقتران. في الحياة، ننجرف، ونضيع في الأحداث، ونصبح مثلها؛ لذلك نحن نركض معًا. وهذا يمنعنا من تذكر أنفسنا ومعرفتها. نحن نعلق بين الأكاذيب، ونستخدم آليات الدفاع، ونختلق الأعذار. ولكن لا ينبغي لنا أن نستخدم هذه الأعذار. "يجب علينا أن نتعلم كيف نقول الحقيقة ونجعل الآخرين يتكلمون".

 

ملفونو يوسف بختاش

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين

 

 


 
Please Leave Your Thinking

Leave a Comment

You can also send us an email to karyohliso@gmail.com