الكلماتُ والبُذُور

يجِب ألّا نفقِد الأملَ أبدًا في البِذرة التي بُذِرت ودُفِنت. في مجال الحياة، لن تُنتجَ البذورُ التي ينقصُها رُكن الممارسة محْصولا. يرى عقلُ الإنسان أنّ الكلماتِ شبيهةٌ بالبذور الملقاة في التربة. يختبر الإنسانُ بٱستمرار، تأثيرَ الكلمات التي يعرِفها، أوِ التي يهتمُّ بها. إذ أنّ خِطابَه وعقليّته (وممارسته أيضًا) ستتبلورُ وَفقًا للكلمات التي يعايشها، ويتمخّض عن ذلك عالمُه.

لذا فإنّ تطوّرَ الشخص فكريًّا وروحيًّا، يتناسب طرديًا مع ثَرْوة الكلمات والمفاهيم التي يعرِفُها، فللكلمات تأثيرٌ لمواءمة الروح وانضباطها بطريقة جيّدة.

إنّ تدريبَ القلب، الذي يُحاذي الروح، ليس بظاهرة تحدُث في كلّ مكان بنفس المقياس. لذلك ينبغي على كلّ فرْد، أن يقوم برحلته الخاصّة في عالَم الكلمات التي يختبرُها - في إطار معاني الكلمات والعِبارات.

يتطوّر فهمُ الفرد فيما يتعلّق بمكانه أو موقعه في الحياة بشكلٍ طبيعيّ، طالما أنّه ينضَجُ (يتطوّر) في ٱنضباط النفس والمحبّة، المسؤولية والوعي، وخبرة الحياة. والمقصود بالمحبّة والمعرفة هو ٱلانضباط، فكلّما ٱمتلأ المرء بهما، كلّما بلغ تلك الدرجةَ منَ التواضع، وعندها فإنّه سينْأى بنفسه عن مشاعر التفوّق. ويتقبّل الآخرين كما هم، على حالهم.

في عالمٍ، حيثُ لكلّ شيء حدودٌ، فإنّ الهدف الفريدَ للمعرفة والمحبّة، اللتين لا تعرفان لا حدودًا ولا قُيُودًا هو النموّ الروحي. ومن أجل تسريع هذا الأمر، فإنّه منَ الضروري ٱكتساب كلماتٍ ومعانٍ جديدة؛ لأنّ التعليمَ بمثابة عمليةٍ مستديمة لتهذيب الإنسان. إنّ هدفَ التعليمِ الأساسيَّ، هو التعلّم والتطوّر طَوالَ الحياة، وذلك من أجل ٱلانضباط، وهو الروح لضبط النفس.

كما قال العالِم ألْبِرت آينشتاين (١٨٧٩-١٩٥٥)، "إذا كنتَ ستشُنُّ حربًا، فعليك شنّ حرب ضد الجهل"

وكما قيل، "إنّ العالَمَ لا يأبَهُ بمَن يُصدِر الضوضاء، بل بمَن يبتكرُ قِيمًا جديدة (من خلال التربية والتعليم). "

وقد ورد في الأمثال القديمة: "الجدْولُ الضحْل يُصدِر صَخَبًا وجَلَبة" و ”المياه الهادئة تجْري عميقا”.

وعليه فإنّ النقْلَ أوِ التحويل الجافّ، ليس ذا جدوى إطلاقًا.

ملفونو يوسف بِكتاش

ترجمة من الإنچليزية إلى العربية: ودّ الرفاعي، مراجعة د. إشراق نبعة.

دقيق لغوي: أ. د. حسيب شحادت.