فراغُ الإنسان

عمَل الإنسان ويعمل، يكدَح ويكدح، يكافِح ويكافح، يبحَث ويبحث، يطالِب ويطالب، ينهَض ويسقُط، يخسَر ويربَح، يُغنّي ويصمُت، يمرَض ويتعافى، يفتخِر ويتكبّر، ينزلِق ويترنّح،  ويقَع وينهَضُ أيضا. يتعذّب الإنسان في هُوّة البؤس أحيانًا، ويسعَد في قصْر من الرفاهية أحيانًا أُخرى.

ومع ذلك، فإنّ كلَّ هذا السعي الشاقّ وتلك المحاولة المتطلّبة، ليسا سِوى محاولةٍ من قِبَل الإنسان لملء الفراغ الموجود في روحه؛ بعبارةٍ أُخرى، في عالمه الداخليّ. إلّا أنّ هذا الفراغَ، لا يمتلئُ بمحبّة الوسائط الدنيوية، ولكن بٱكتشاف محبّة الربّ الحقيقية، ومن خلال تلبية التزامات هذه المحبّة ومتطلّباتها.

ولهذا السبب، يقول القِدّيسُ أوغسطينوس: "خُلِقتْ أَرواحُنا لكي تُمجّدَ الربّ ولكي تبتهِجَ به. إنّ الفراغَ كائنٌ في قلب كلّ إنسان مخلوق؛ وذلك الإنسان غيرُ المستعدّ ليبتهجَ مع الربّ، لن يُملأ هذا الفراغُ لديه بأيّ شيء آخر. كما أنّه،  لن يجدَ لا المسرَّة  ولا مذاقها الدائم في أيّ شيء آخرَ".

يُضيف الفيلسوف واللاهوتي السرياني العظيم ابن العبري (غريغوريوس أبو الفرج بن هارون الملطي،١٢٢٦- ١٢٨٦) مُتجاوبًا مع الحِكمة القائلة: "يجِب أن نمسِكَ أنفسَنا ونعُيدها إلى ذاتِنا، عسى ولعلَّ نجدُ الملكوت المكنون في قلوبنا لنتمكّنَ من رؤية إلهنا".

ملفونو يوسف بِكتاش

الترجمة من الإنچليزية: د. إشراق نعمة.

دقيق لغوي: أ. د. حسيب شحادت.