التواضع والذُّلة

"ܐܢܗܘܼ ܕܬܬܡܰܟܰܟܬ ܚܰܫܒܘܟ ܕܠܐ ܚܰܘܪܳܐ"

"إذا كان لديك تواضع، فسيعتبرونك  ذليلاً"

القديس مار أفرام (306-373)

القديس مار أفرام من نصيبين، ابن معروف لجغرافيتنا، هو طبيب قلب الكنيسة الجامعة. في الحياة الأدبية والاجتماعية للثقافة السريانية، التي مياهها صافية وواضحة، إنها شلال فائض دائم الشباب.

إن عبارة "ܐܢܗܘܼ ܕܬܬܡܰܟܰܟܬ ܚܰܫܒܘܟ ܕܠܐ ܚܰܘܪܳܐ / إذا كان لديك تواضع سيعتبرونك فظاً"، والتي قالها هذا الشخص المقدس، الذي هو مثال للتواضع، عن العقليات الاستبدادية التي يقودها الاستغلال وسوء المعاملة، هي موضوع يجب أن يكون استجواب ودراسة اجتماعيا.

يبدو لي أن القديس مار أفرام قد تعرض لابتذال النفس بسبب بعض الأشخاص المتغطرسين وذلك من خلال الضوء الذي يحمله. من المحتمل أنه لم يتفاعل مع هؤلاء الأشخاص الذين حملهم في قلبه، بدلاً من أن يًثمّنوه، نبذوه، واحتقروه، وشوهوا مصداقيته. لقد شعر بمسؤولية قول هذه الكلمة الحكيمة، كتحذير، من خلال جعل شخصيته الروحية العاطفية والعميقة، المخفية في حبه للتعليم، تتكلم.

قد يكون هذا البيان قد قيل أيضًا بدافع من التجارب السلبية الأخرى. هذا صحيح، لكنه في الواقع يعبر عن بعض القضايا المهمة جدًا التي لها جودة الدرس. في رأيي، إنه يلفت الانتباه إلى الحياء الواعي المنغلق على الاستغلال والإيذاء. لأن العقلية الأنانية المتزلفة التي لا تقدر كرامة الإنسان هي عقلية غير عادلة وظالمة. بالنسبة لهذه العقلية، المعروفة بآثارها المسببة لتسمم الحياة، فإن الفضائل البشرية غير مهمة. يتم تجاهله وأحيانًا يساء تقديرها. أن تحب أكثر من اللازم، وأن تهتم كثيرًا، وأن تحب كثيرًا هي سبب لإساءة المعاملة. القليل أو الكثير من التواضع يخلق وقاحة. يؤدي تقدير القليل جدًا أو كثيرًا - فيه - إلى عدم الولاء. إن الإيثار إلى حدٍ ما - فيه - يُقابل بنكران الجميل.

تمامًا كما كان الحال في زمن مار أفرام، من المؤلم ملاحظة نفس الابتذال في المجالات ذات الصلة اليوم. إن قول العزيز مار أفرام ، الذي يمجد "التواضع" في سلم القيم والفضائل، هو أمر مثير للتفكير، وله مغزى كبير، بهذه الكلمة. لماذا قالها قبل 1700 عام؟

وفقًا للقاعدة الأساسية الصالحة والدائمة لجميع الأعمار، فإن بُعد التنمية البشرية يتناسب طرديًا مع التطور الفكري والأخلاقي. إذا لم تتطور البنية الأخلاقية التي تتكون منها الشخصية الإنسانية مع إشراق التنوير الروحي والوعي الثقافي، فإن هذه الأمية ستستمر للأسف. مع التأثير المدمر لعقلية البقرة الحلوب التي تنتهك وعي الحقوق والعمل، غدا كما كانت بالأمس ...

لا ينبغي أن ننسى أن التواضع هو سلوك أخلاقي يُظهر العظمة الداخلية للحقيقة في الإنسان وإدراك هذه العظمة. إنا كسوة إلهية .

ملفونو يوسف بختاش 

رئيس جمعية الثقافة واللغة السريانية وادبها / ماردين